روايات شيقهرواية العازف

نوفيلا العازف للكاتبة شاهندة الفصل السابع والأخير

نالت السندريلا أميرها
ربتت بسمة على رأس أحلام القابع على حجرها تقول بحنان: كفاك بكاءا صغيرتي، من أين لك ان تعرفي بقلبه المشغول بغيرك، أتعلمين حتى انا لم أظنه ضالعا بعلاقة حب مع فتاة أخرى. ظننته…
صمتت فاستقامت أحلام جالسة وهي تمسح دموعها قائلة: ظننته ماذا؟
ها. لا شيء، دعك من الأستاذ الآن وفكري في مستقبلك دونه.

عادت الدموع تطفر بعيني أحلام وهي تراه مستقبل مظلم فأردفت بسمة على الفور: لا لا. لا تفكري في المستقبل بل فكري في الحاضر، العازف نعم العازف. انه مهتم بك وقد تقدم لخطبتك كما أخبرتني، وافقي عليه لقد كنت معجبة به. أليس كذلك؟

قلتها بنفسك. كنت. كان افتتانا أظهر زيفه مشاعري تجاه هشام، أحببت خيالا برأسي تجسد أمامي. أحببت أميرا سحرتني أنغامه ولكن فلتسأليني عنه. ماذا يحب وماذا يكره؟ افكاره. آرائه. مدي توافق أرواحنا. اسمه حتي. لا إجابة لدي مطلقا، هو عازف ماهر وشريك رائع بالرقص ولكن هل الحياة معزوفة فقط نرقص على أنغامها؟ لا انها منزل وبيت وأطفال، مودة ورحمة وتفاهم. الحياة تجربة لا يمكن أن نقوم بها حتى نثق بأننا اخترنا الشريك الصحيح.

صرت كبسمة القديمة، تحسبين خطواتك وتفكرين كثيرا قبل القيام بأي خطوة، الحب لا يحتاج إلى حسابات أو تفكير فحين نحب لا نفكر بل نترك مشاعرنا تقودنا.
ربما يثبت لك ذلك أنني لا احب العازف لذلك أفكر كثيرا.
بل أرى أنك واقعة بحب الاثنين، في كل منهما صورة من أميرك ولكن غموض الأول فقط مايخيفك. أرى إن أزال اللثام غدا عن غموضه ستجدين انه الرجل الذي حلمتي به وستنسين هشام.
أتظنين ذلك؟

بل أنا متأكدة، سيخر على ركبتيه أمام الجميع يطلب منك الزواج وستجيبيه بنعم نعم نعم، كما فعلت انا مع رائف.
اتسعت حدقتا احلام قائلة: ماذاااا؟ رائف طلب منك الزواج ووافقتي عليه! متى؟
اليوم. حين كنت أزور أبي.
مهلا مهلا. تزورين والدك؟ أين كنت انا؟
غارقة في دوامتك عزيزتي فهيا اخبريني أنك ستمنحين العازف فرصة و ستكونين بخير حتى نستطيع الاحتفال بخبر خطبتي.
نعم نعم سأفعل.

جذبتها من يدها لتنهض مردفة: هيا بنا لنحتفل إذا.
إلى أين تأخذينني؟
إلى الخارج. سأعزمك على الجاتو في الكافتيريا القريبة سنمرح ونلهو ونحتفل وستخبرينني بالتفاصيل كاملة. هيا. اليوم ليس عاديا بالمرة انه يوم خطبة اعز صديقاتي.

تبعتها بسمة وعلى شفتيها ارتسمت ابتسامة سعيدة كحال صديقتها التي انقلب حالها تماما ما أن عرفت بأمر خطبتها لتوقن اننا حين نحب شخص ما تصبح أحزانه وأفراحه وكأنها خاصتنا، نتشاركها كما نتشارك الماء والهواء.

اليوم يختلف كثيرا عن أي يوم مضى، بدأ برؤية هشام لها وابتسامة أرسلها تجاهها من شرفته مع تلويحة هزت لها رأسها ترسم ابتسامة باهتة على وجهها وهي تلوح له بدورها قبل أن تركب إلى جوار بسمة ويتجهان إلى الحفل، صفير رسالة جعلها تفتح هاتفها بأنامل مرتعشة وجدتها منه كالعادة يكتب فيها: لا تكتفي بكونك نجمة الليلة بل كوني كالقمر واسطعي لتضيئي عتمة الليل، أنيري ظلمائهم اليوم واجعليهم يدركون أنهم لولا وجودك لأصابهم التيه في ظلماء دروبهم. بالتوفيق عزيزتي.

قرأت الرسالة مرة أخرى ثم تنهدت فحانت من بسمة نظرة إليها قائلة: هل أنت بخير؟
نعم أنا بخير.
هل الرسالة من العازف يستعجل؟
بل منه هو يخطف قلبي مجددا بكلماته الرقيقة.
يحتاج الأستاذ إلى صفعة حتى يركز على حبيبته ويدعك وشأنك.
أطرقت احلام أرضا يقول لسانها بصمت: أحتاج انا إلى هذه الصفعة لأقلع عن حبه ياعزيزتي ولكن هل تفيد؟

عندما يقوم العازف بتمرير أصابعه على أوتار الكمان تشعر أحلام كغيرها من الحضور بأنه يلقى سحرا على مسامعهم، ينقي مشاعرهم الصاخبة ويقودهم بين دروب الحياة المرهقة ليصل بهم إلى سلام، يمنحهم روح يغمرها النقاء والحب، ويسحبهم من لوعة الأحزان إلى فرحة تضمهم تحت جناحيها، لتستيقظ كل المشاعر وتشرق، تتوهج خفقاتهم لتشتعل فيعيشون تجربة لا تنسى.

هكذا شعرت أحلام، تدرك بكل وضوح أنها واقعة بغرام نغماته وليست بالتأكيد واقعة بغرامه هو فمن هو؟ هو رجل دلف إلى حياتها وميزها بين الفتيات برقصة ثم رحل. جاء مجددا وفعل فعلته ثم رحل. واليوم طلب منها الرقص ثم وهي تدور بين يديه توقف فجأة وركع على إحدى ركبتيه يطالبها بالزواج منه، هكذا بكل بساطة يدعوها للتخلي عن مشاعرها تجاه من تحب وتتزوجه، جاءت الليلة ظنا منها أن هذا بالإمكان، حتى رأته الآن لتري صورة حبيبها فيه، حتى وهي مغمضة العينين تراه أمامها. هو وحده لا غير.

طالعته للحظات ثم قالت بأسف وهي تخلع عنها قناعها: كنت أرغب بالقبول ولكن هناك عشق في القلب يمنعني.
تحبين آخر؟
نعم.
لا ترغبين في الزواج بي؟
نعم.
هل هو قريب لك؟
هو أستاذي، بإذنك على أن أرحل. وداعا.
أسرعت بالرحيل فنهض يستقيم وهو يناديها: لا تقولي الوداع فربما نلتقي مجددا.
توقفت تستدير اليه قائلة: لا أظن ولكني أشكرك على منحي خيالا اسعدني يوما ما.

مال برأسه قليلا تحية لها فابتسمت ثم رحلت بسرعة تتبعها صديقتها التي شهدت كجميع الحضور رفضها للعازف.

في القرية حين تغرب الشمس تجد الجميع يأوون إلى منازلهم، يجتمعون مع عائلاتهم حول النار. حياتهم هادئة بسيطة لا تكلف فيها، اذا غاب أحدهم يسألون عنه. إذا فرح أحدهم يفرح له الجميع وإذا حزن شاطروه حزنه. ولكن للأسف لا مجتمع يخلو من الحاقدين وحيث يوجد هؤلاء تجد الشر حاضرا.

اندفع رجل تجاه منزل الحاج عامر يطرق الباب قائلا: ياحاج عامر افتح الباب لدي مصيبة، ياليتك لم تبعثها إلى المدينة بل ياليتك وأدتها قبل أن تنزل بك العار، لقد وضعت رأسك بالوحل ياحاج.
فتح الباب وظهر عامر على عتبته قائلا بغضب: مابالك أيها الأبله تندب كالنساء؟
مد له الهاتف قائلا: انظر ياحاج. أليست هذه أحلام ابنتك؟ انظر ماذا فعلت الفاجرة، تلبس ملابس فاضحة وترقص مع الغرباء.

ماالذي تقوله ياتعس؟ عن أي شيء تتحدث؟
فتح الرجل هاتفه وشغل الفيديو فطالعه عامر بعيون اتسعت في صدمة وهو يرى ابنته تخلع عنها القناع وتفر هاربة من الحفل ليقول الرجل بسخرية: كنت تتباهي بين الجميع بأن لديك فتاة متفوقة تدرس بجامعة المدينة، انظر إلى أين أوصلتها المدينة؟
اشتعل قلب عامر بأتون من غضب وهو يناوله هاتفه قائلا: اغرب عن وجهي يابومة، لعنك الله كما لعنت ليلتي.

ثم أغلق الباب بوجهه ليقول الرجل بشماتة: ليلتك فقط بل قل حياتك بأكملها ياحاج، لقد سقطت اليوم هيبتك مع سقوط ابنتك وبقي فقط أن أجعل الناس يرون سقوطها وسقوطك، رفضتني كعريس لها فلتجلسها جوارك اذا فلن يقربها أحد بعد هذه الليلة أيها الحاج الجليل.
ليقهقه ضاحكا كشيطان شاركه حقده.

كانت تجول في حجرتها تشعر بالحزن والضعف في هذه اللحظة، ربما عليها العودة للقرية ولملمة جراح نفس أصابها العطب، ربما قلبها المكسور ذاك قد يريحه ربتة حانية من يد والدتها، ربما الرجوع لوالديها هو الحل المناسب لها بالفعل، وجدت هاتفها يعلن عن وصول رسالة فتحتها وقرأت فحواها: لماذا تجولين هكذا دون هوادة؟
عقدت حاجبيها تقول بصوت مسموع: هل تراني أم تشعر بي ياهشام؟

ساذجة. بالتأكيد لا يراك ولا يشعر بك، كادت أن تكتب شيئا ما ولكن رسالة وصلتها مكتوب فيها: الاثنين؟
أي اثنين؟
أراك وأشعر بك، استديري.
استدارت فوجدته أمامها يقف في النافذة المواجهة لنافذتها، اقتربت من النافذة تطالعه بحيرة فوجدت منه اتصالا أجابته على الفور.
منذ متى ونافذتك تطل على حجرتي؟
منذ الأزل.
لا تمزح. أخبرني.
لا أمزح هي هكذا منذ أن امتلكتها.

صمتت تطالعه فقال: هيا لا تترددي اسإليني إن كنت أراقبك من خلالها؟ والإجابة ليس من البداية. فقط منذ هذه الليلة التي أخذني القدر إليها كنت أشعر بالاختناق فظننت أن بضع نسمات قد تريح أنفاسي وتفرج ضيق صدري، وقتها وقعت عيني على النافذة المقابلة لنافذتي ورأيتك، كنت تحتضنين وسادتك وترقصين معها، رقتك خلبت لبى، وتناغم خطواتك مع الألحان سحرني. اغمضتي عيناك وظللتي تدورين وتدورين على النغمات وكأنك بعالم آخر تعيشين فيه بكل كيانك، لأجد نفسي فجأة واقعا بالحب في هذه اللحظة.

إذا أنا حبيبتك التي أخبرتني عنها؟
أجب بالله عليك.
ابتسم بحب وهو يومئ برأسه فاشتعلت خفقاتها فرحا ولكنها مالبثت أن عقدت حاجبيها قائلة: ولكنك أخبرتني أنك صارحت حبيبتك بمشاعرك وأنت لم تفعل معي.
لحظة واحدة.

اختفى داخل الحجرة ثم فجأة تناهي إلى مسامعها صوت نغمات رقصت على ألحانها خفقاتها، تبتهل بصمت ان تصدق أفكارها التي اشتعلت برأسها في هذه اللحظة ليظهر العازف فجأة أمامها بقناعه وكمانه وألحانه يطالعها بحب. لهذا كان العازف دوما مألوفا. انه حبيبها هشام.
اغروقت عيناها بالدموع فتوقف عن العزف يمسك هاتفه مجددا قائلا: لا تبك حبيبتي.

أحبك هشام وأود ان أخنقك بذات الوقت. لماذا تركت العازف يصرح بمشاعره ولم تدع الأستاذ يفعل؟
اخبرتك. حدوت…
قاطعته قائلة: وانا أخبرتك أيضا إن أحبتك حبيبتك حقا ستراها مميزة.
لم أكن واثقا من مشاعرك، كنت تخبرينني دوما أنك هائمة بالعازف لانه يشبه فارسك وأمير أحلامك.
وماالذي غير رأيك وجعلك تصارحني؟
اعترافك الليلة للعازف بحب أستاذك.
وماالذي جعلك واثقا من انني أقصدك أنت؟

الحب لا نستطيع أن نواريه بقلوبنا حبيبتي بل يظهر في تصرفاتنا وعلى ملامحنا، وقد أظهرت لي غيرة واهتماما، ثقة وتفاهم ومودة. أشياء لا نظهرها سوي لمن نحب وقد كنت من الغباء بحيث لم أصدقها حتى الليلة.
إذا تحبني أستاذي وعازفي؟
بل أعشقك.
قالت بدلال: وماذا بعد؟
ابتسم قائلا: العشق يتبعه الزواج حبيبتي.
وما الذي تنتظره لكي تتقدم لخطبتي من والدي؟
الإذن منك.
أشارت له إشارة ملكية وهي تقول: منحتك الإذن سمو الأمير.

ابتسم وكاد أن يقول شيئا ولكنها أشارت له بالصمت ترى مكالمة واردة من هاتف امها لتقول بابتسامة: انتظر. انها أمي. سأجيبها واخبرها عن قصتنا.
ابتسم فاجابت هاتفها، عقد حاجبيه بقوة وملامح حبيبته تشحب بشدة قبل أن تغلق المكالمة وتنهي تعليق مكالمته فاسرع يقول بوجل: ماالخطب حبيبتي؟
والدي قادم إلى المدينة مع ابن عمي، لقد علم بقصتنا وهو لا ينتوي الخير مطلقا.
ليقع قلب هشام بين قدميه.

هل أنت واثقة من أن هذا ماتريدينه؟
نعم نعم. لن أخاطر بتفريقنا، إن كتبنا الكتاب لن يستطيع مخلوق ان يفصم بيننا.
سيكون ارتباطا للأبد احلام. لا عودة.
أدرك ذلك. لماذا تكرر كلماتك؟ هل لديك انت الشكوك أم انك تخاف أبي؟
طالعها بعتاب قائلا: تدركين كم أحبك لذا من المستحيل ان يكون لدي شكوك وانا لا أخشى مخلوقا قط، فقط أخشى أن يكون قرارك متسرعا ثم تندمين فأنت جميلة جدا وانا…

قاطعته قائلة: اخبرتك أنني أحببت روحك قبل ملامحك.
لتمد يدها وتتلمس وجنته حيث تقبع تلك الحدوة الكبيرة داكنة اللون قائلة بحنان: ثم إنني أراها مميزة، فهي من صنعت منك الرجل الذي أحببت.
ابتسم وكاد أن يقول شيئا ولكن رائف قاطعه قائلا: أرى أن تسرعا بعقد القران ثم تكملان هذا المشهد لاحقا فكما أخبرتني بسمتي، والد الآنسة أحلام على وشك الوصول.
ابتسم هشام قائلا: لديك حق.

ليمسك يد حبيبته تتشابك أناملهم مردفا: هيا حبيبتي فلنفعلها.
ابتسمت بينما بدأ المأذون في عقد القران، تسللت أنامل بسمة تمسك يد رائف بسعادة فأطبق على اناملها بدوره بحب وهو يميل عليها قائلا: العقبي لنا حبيبتي.
لتبادله نظرات الحب.

كانت تتطلع إلى صورتها بالمرآة، جميلة هي بل فاتنة في ثوب زفافها الأبيض، تتذكر هذه الليلة التي جاء فيها والدها من الضيعة وكيف رغي وزبد حين علم بعقد قرانها على هشام، يهدد بقتلها ومحو عارها، وقتها طلب هشام منه التحدث على انفراد فوافق على مضض، لا تدري حتى الآن ما الذي قاله له هشام حتى خرج من الحجرة يقبل جبينها مباركا لها. أخبرتها والدتها أن والدها عاد هذه الليلة يقول أنه لأول مرة يأمن رجلا على فتاته الصغيرة، قد يكون والدها رجل قاس ولكنها في هذه الليلة أدركت ان وراء قسوته قلب يخاف عليها ويحبها، طلب والدها من هشام فرح يقام لهما بالقرية فأجر هشام من أعد المكان بصورة خيالية بعث لها شكله النهائي منذ لحظات. رائع للغاية، خاصة حلبة الرقص التي ينتظر بفارغ الصبر رقصتهما عليها لأول مرة دون أقنعة.

فتحت هاتفها وكتبت على مدونتها بضع كلمات: صديقاتي العزيزات
كعادتي أشارككن مشاعري. لقد حان الوقت وبعد قليل ستزف السندريلا إلى أميرها.
هذا الأمير الذي التقته يوما فعزف على ألحان قلبها. وامتلكه دون منازع.
البداية كانت حين رأيته ذات يوم يدلف إلى هذا الحفل الذي كنت سأغادره مللا فاشتعلت الأضواء
رافقته عيناي فضولا. صار شغفا غريبا عنى فلم أهتم يوما بالغرباء.

ولكن هالته التي تحيطه جذبتنى. أو ربما هي خطواته الثابتة ونظرته الثاقبة التي ارسلت إلى جسدى تيارا من الكهرباء
تمنيت لو اقترب منى. تمنيت لو يلاحظنى. فأنا أعلم انى جميلة. غادة هيفاء
ابتسمت له برقة وأنا أراه يقترب. ثم مر بجوارى وتجاهلنى. فوقفت أنظر إثره بغباء
اعتدلت أشعر بالحنق يغمر وجدانى. وخبت ابتسامتى الحمقاء
وظللت أسترق النظرات إليه. أراه يقف شامخا تحوم الفتيات من حوله وهو يطالعهم بكبرياء.

اقتربت منه احداهن وياللعجب، ابتسم لها فأصابتنى الغيرة بطعنة نجلاء
ووجدتنى دون إرادة منى أخطوا تجاهه بخطوات ثابتة. أقترب منه. أستمع فقط لقلبى وأرفض من عقلى التحذير والرجاء
وقفت أمامه. مددت إليه يدى فنظر إلى نظرة أخذت أنفاسى وأفرغت من حولي الهواء
ثم ابتسم ابتسامة كسول وأخذ بيدى. ليقودنى وذراعيه حولى. يدور بى في كل الأنحاء
لم أشعر بنظرات الناس من حولى ولم ألتفت لأحد فقد كنت أسيرة عينيه الجميلة. السمراء.

أتنفس عطره. أستنشق نفحاته الغامضة مثله. أشعر بها تتغلغل في كيانى. لا أستطيع منها إكتفاء
تصل إلى أنفاسه الساخنة. تلفحنى على وجهى. تحمل إلى عبقه و تحملنى إلى السماء
ترفرف الفراشات من حولى. تجعلنى أعود إليه. أرغب في أن أميل برأسى أضعها على خافقه. أرغب في الإصغاء
لم اكن اعلم أنى فعلت سوي حين إستمعت إلى نبضاته فشعرت بالإنتماء
لتنتهى معزوفتنا سويا. فابتعدت مرغمة نظر إلى وهز رأسه محييا ثم أسرع بالإختفاء.

عدت إلى منزلى أشعر بالفقدان. فنبضات قلبى قد سرقها. ومابين دلوفه إلى الحفل واختفاؤه. أصبحت انا معلقة ما بين الحاء والباء
صرت كالحبيسة داخل جدران حجرتى. جيئة وذهابا أشتاق اليه. شوقى يدفعنى حد الجنون. أريده الآن حتى اتنفس الصعداء.
ارتديت فستانى مجددا. ذلك الذي يحمل عطره. ورفعت ذراعى أتخيله أمامى. يضمنى بين ذراعيك. أدور وأدور وأدور في الهواء.

رفع كفه ووضعه على عينى فابتسمت ورفعت يدي أزيح كفه كى ألبى نداء قلبى لرؤيته. فلم أجد سوى الفراغ في الأجواء
الجدران من حولى. مازلت حبيستها. ومازال بعيدا عنى. فتحطم قلبى إلى أشلاء
أدركت انى قد عشقت، وأدركت أنى دونه سأكون من البؤساء
سأتبع قلبى. حتى لو كان جنونا. سأبحث عنه وألبى النداء
ففى رقصتنا اجتمعت قلوبنا فعزفت الحانا رائعة. و قامت بالغناء.

لذا وجب علي البحث عنه وإيجاده كى نكمل معزوفتنا. نعم. لقد تحتم اللقاء
فكل ما اعرفه الآن. أنى قد وجدت فيه آدم ويجب ان أجده ليدرك أننى له حوااااء
حين وجدته أدركت انه لم يكن على البحث في كل حفل فقط على أن انظر في الأرجاء
العازف جاري وأستاذي طالعته بعين عاشقة اتأمل ملامحه بشغف. أتوه في نظرات عينيه. ظمآنة إليه لا أستطيع منك إرتواء.

أخبرته. نحن مجانين فقاطعنى قائلا: الجنون في العشق جديدا على كلينا فدعينا من أفعال العقلاء
وهيا نرقص تحت زخات المطر نكمل معزوفتنا الجميلة. نكتب بشغفنا باقى الأجزاء
نالت السندريلا أميرها وبعد لحظات أحبتي سأكون بين ذراعيه يضمنى راقصا. ندور وندور تحت زخات المطر. رقصتنا كاملة. بهية. دون اخطاء
كل منا راقص ماهر يعشق نغمات معزوفتنا، وكل منا يمتاز بالذكاء.

سيقول هيا اميرتى. اقبلينى زوجا. اقبلى واجعلينى اسعد رجل ياأجمل النساء
وسأومئ برأسى. أتصرف كالمجنونة أبكى وأضحك. فيضع الخاتم باصبعى ثم يقف ويضمنى، يدور بى في هذا الفضاء
لنصبح في تلك الليلة رواية يقصها العاشقين لبعضهم كمثال للجنون. للقدر. للعشق والوفاء.
لخيال قد يصبح حقيقة فقط إن آمنا ان الحب هو طوق النجاة وأننا به سنعيش جميعا في جنة فيحاء.

أترككم الآن لأذهب إلى عازفي وأستاذي وحبيب انتظرته طوال عمري. فافرحوا لي ولا تنسوني أبدا من الدعاء.

تمت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى